الثلاثاء، 7 سبتمبر 2004

رسالة الى الرئيس الاميركي جورج بوش


سيدي الرئيس،

لقد ولدت في العالم العربي وانا لبناني ، ولهذا فأنا أعرف العقلية العربية واللبنانية جيدا وأعرف جيدا تاريخ الصراع الاميركي - السوفياتي في الشرق الاوسط لأنني وعائلتي قد ذقنا الامرين منها،كما ذقنا الامرين من سياسة الرؤساء والملوك العرب. لا أقول لك هذا لكي ابدأ باعادة سرد اخبار الجزيرة او العربية او اي محطة تلفزيونية او اذاعية عن السياسة الاميركية في الشرق الاوسط ولكن لأنني اتابع الاخبار وخاصة أحاديثك السياسية على صفحات الجرائد والتلفزيونات العالمية فوجدت ان السياسة الاميركية قد تغيرت كثيرا بعد الحادي عشر من أيلول.

فلم يعد هنالك من سفير أميركي يفرض علينا مخايل الضاهر او الفوضى، كما لم تعد ترسل لنا السفراء الاميركيين الى لبنان الذين كان عملهم الوحيد كيفية دعم احتلال سورية واسرائيل للبنان وجعل اللبنانيين يقبلون به، كما انك لم تعد ترسل الاسلحة الى هؤلاء الرؤساء والملوك العرب الذين طحنوا شعبهم { الا اذا كانت المخابرات الاميركية تعمل بعكس ما تصرح أنت}وهذا ما لا ارجوه.

هنالك مشكلة أساسية وجوهرية ووحيدة في الشرق الاوسط وهي تدعى الديمقراطية ، وهي باب كل الحلول، فتاريخ أنظمة الدول العربية، والعراق الاقرب الينا مثلا، قام على أحادية الفكر واي تنوع وغنى فكري قمع في المهد ولهذا الشعب العراقي لا يرحب بالوجود الاميركي لأن الاعلام العراقي ربى العراقيين على كره الديمقراطية الغربية وصورها انها وسيلة غربية لأحتلالهم ولا يعرف الشعب العراقي غير ديمقراطية شيوخ الدين او ديمقراطية صدام ايام مجده البائس، لن اردد لحضرتك ان الديمقراطية في الشرق الاوسط لن تصبح أساسا للأنظمة العربية الا اذا اصبح الشعب الذي يمارسها يحمل مفاهيم الحرية والانسانية بكل معانيها{ وهنا يأتي دور الاعلام الحر بكافة اشكاله لتوضيح ان الديمقراطية هي وسيلة انسانية وليست وسيلة مسيحية للسيطرة والاستعمار} ، وهذا يعني ان الرأي الاخر لأي انسان في أي دولة عربية عليه ان يفهم من الاخرين كمحاولة للتطور الانساني وليس كتمرد وعصيان اتي من الغرب.ان الشعب الاميركي الذي انت تمثله لم يكن ليسير في هذه الطريق لولا تضحيات الكثير من الاميركيين والكثير من الرؤساء الاميركيين الذين استشرقوا المستقبل وغلبوا الانانية والحقد فكانوا من الرؤساء الذين جعلوا مثلا لكافة الاميركيين في مدارسكم واعلامكم، وأقرب دليل على ان الاميركيين يملكون من الديمقراطية الكثير ان المظاهرات التي حدثت مؤخرا على ابواب المؤتمر الجمهوري لسنة 2004 لم تقمع وتطحن اجساد المتظاهرين من قبل الشرطة الاميركية ، كما ان فيلم فهرنهايت 9/11 لم يكن حجة للدولة الاميركية لكي تطحن السيد مايكل مور.

ان كان هنالك من بلد مستعد جيدا ان يكون ديمقراطيا فهو لبنان لأن مدارسنا لا تزال تخرج وبكثرة حراس للحرية وهذه المدارس العريقة باكثريتها من صنع الاوروبين والاميركيين، ويمكنك سؤال سفير دولتك في لبنان عن هذه الميزة التي تميز الشعب اللبناني ، لو كنت من أحد مستشاريك ، لبدأت الحرب ضد الارهاب من لبنان وليس العراق لأن الفكر الارهابي هو أكثر رعبا من اسلحة الدمار الشامل ، كما ان الحرية والديمقراطية تحتاج لحراس اشداء متمرسين والتاريخ سيكون الحكم بيننا.

ان تقوية مفهوم الديمقراطية وحس السلام في الشرق الاوسط يحتاج الى خطوات مستمرة وحثيثة ومبتكرة ، فأسهل الحلول لنا ، وليس لكم، هي دبابات الجيش الاميركي كما فعلت في اليابان والمانيا ، واعقمها هو الحصار الاقتصادي لأن زعماءنا لا يكترثون لنا وهم المسلحين بالذهب والالماس والجواهر ، كما ان الخطوة الاخيرة في الامم المتحدة، قرار 1559، هي باب اعلامي عالمي مرحب به لأسماع جدية القرار الدولي في دعم استقلال وحرية وديمقراطية لبنان .

رجاء هذه المرة دعنا ولو لمرة واحدة وأخيرة نصنع استقلالنا بايدينا كما صنعه شعبك سابقا بمساعدة الفرنسيين ، وان كان السيد رامسفيلد ذكر في تصريح سابق له ان الامور لا تتغير من صلب نفسها عليك ان تفعل شيئا لتغير الامور.

ان كنت تسمح لي بعرض فكرة كمثال و هي اكثر فعالية من بناء محطة الحرة وراديو سوا ، مشكور تمويل الدولة الاميركية لهما، كل الذي أقترحه هو دعم اللبنانيين في ثورتهم السلمية الاخيرة لتحرير ارضهم وافضل مثال على ذلك هي المظاهرة التي خرجت في سورية وكان ممثل السفير الاميركي ، ان لم أخطىء ، بينها، انا أعرف بأن الكثير من اللبنانيين يتمنون الخروج من الاستعباد الآن نظرا للمآسي التي عاشوها،ولكن الذي يريد بناء دولة عليه ان يفاخر ببنائها وانا لا اريد ان احتفل بذكرى استقلال لا يكون قدوة لاولادي واحفادي.

قال الرئيس كانيدي يوما : لا تسأل ما يمكن لأميركا ان تصنع لك ، أسال نفسك ما يمكن ان تصنعه انت لها.وبهذا الكلام انهي مقالي راجيا ان يكون العالم بعد الحادي عشر من ايلول عالما جديدا يساعدني على الخروج من الفوبيا التي اتت من السياسة الاميركية والسوفياتية السابقة.

شكرا لكم
عاشت اميركا حرة
عاش لبنان حرا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عالم جديد من صنعك تماما

ان كنت من الذين يتابعون صفحتي ستجد الموضوع التالي شيقا، ارجو ذلك، كنت قد ذكرت لك، في مقالات سابقة ومرات كثيرة عن عالم النانوتكنولوج...